13.12.06

لقاء

إلى أهلي وأحبابي
أطير غداً
أطير على جناح الغيمِ
أسمعهم، وأنظرهمْ
أقبلهم على الخدينٍ
يحكوا لي بتفصيلٍ
وأحكي كل ما قد مرّ
منذ رحلت حتى اليومْ

وتحكي لي
صغيرة إخوتي تحكي
وتشرح لي لمَ كبرَتْ
وكيفَ و ما أذنْتُ لها
بأن تكبرْ
وتطلبني بأن أروي
لها كلّ حكايا وقصصْ
لم أروها قبل المنامِ
لكل يومٍ مرَّ
منذ رحلت حتى اليومْ

وتقرأ لي التي أكبرُ
ما كتَبتْه من قصصِِ
وأحضنها
أرى بعيونها السوداء لمعاناً
وأمسح شعرها الذهبيّ
استنشقْ عبير الشوقٍ
أرسمها
وترسم لي جبالاً عاليةْ
ومدينةً حلوة

ووسطاهنّ تروي لي
حكايا الناسِ والأعراسٍ تروي لي
وتلبسُ لي جميع ثيابها الحلوةْ
تفرّجني عليها ثم تحضنني
أقبلها
تمرّ يدي على ليل جدائلها
أذاكر درسها من أجل أن أشرحْهُ،
أرقبها
تذاكر ترقب المجموعَ والدرجات

وتبتسم التي تصغرني
بثلاثِ أعوامٍ
تُريني الصورَ الألفَ التّي التَقطَتْ بهذا العامْ
وتروي كل ما قد مرّ
منذ العامْ
وأحضنها بشوق التوأم المفصول عن ظله

وأودع كلّ شوق العامِ في قُبلةْ
لأمي، كل شوق ولهفة العالم
وتحويني
بكل حنانها والحب تحويني
بحضن واسع في ضمة كبرى تخبّيني
وأرجوها بأن تغفرْ
غيابي كل هذا الوقتْ
وتذكر أنني مازلتُ
في بستانها فلّة

أبي لم يمض منذ رأيته شهرُ
ومرّ كأنه دهرُ
يخيل لي
بأني لم أراه وقد تراءى لي
وأحضنه
ويلكمني – مداعبة –
ويضحك حين ألكمه
سوياً نجلس الليلَ
يصحّح ما أترجمهُ
وأنصتُ لهْ
ويقرأ لي مقالاتِ الجرائد والمجلاتِ
ويخبرني بأخبارِ
جميع العالم المجنونْ
وما قد مرّ
من شهرٍ وحتى اليومْ

وأسمع قصة الجدّ
عن الماضيَ، ذاك الماضيَ الأجملْ
وما قد كان
ويروي ليَ أشعاراً حفظْها حين كان فتىً
وأطلب منه أن نخرج
أنا وهو، بتمشيةٍ
على القدمينِ
ننسى العالم المجنون
ننسى كل ما قد مرّ
منذ صباه حتى اليوم

وعمي، عمّتي، أولادُ أعمامي وعماتي
وخالاتيَ
كلهمُ سيأتون لترحيبي
وشوقي لهمُ أكبرْ
ولا يمكنُ أن يُحصى
وأن يُحصر

وتأتي عَشْرُ هذا الشهرْ
وننزل للحديقة أول العشرِ،
ننزل في هدوء الليلِ
نشعلها مشاعلنا،
وننشد للحجيج وللحمائمِ ما حفظناهُ
حتى تنتهي العشرُ

ويأتي العيدْ
لكم أشتاقُ طعم العيد بين الأهل والأحباب
نمرّ نزورهم كلٌ ببيتهِ طولَ صبحِ العيدِ
كم أشتاق لحم العيدِ
كم أشتاق فرْح العيدْ

وبعد العيدْ
أودعهم، صدى أصواتهم يأتي ليصحبني
وأترك عندهم قلبي
عسى ربي
يطيل بعمرنا حتى لقاء آخر يأتي







 

30.11.06

شتاء!؟

وقف الشتا بالباب، جا

وجد الطريق موصّدا

الشمس واقفة له

وتقول: إرحل يا شتا

لالا نريدك عندنا

ثلجاً وبرداً وعرا

ذا العام إختر غيرنا

إذهب إلى حيث تشا

إذهب بعيداً عننا

دعني أنورها السما

وأدفئ المقرور وال

متشرد البالي الرِّدا



 

28.10.06

انقراض

انقرض الرجال

لم يبقَ إلا قططٌ

تنهشُ لحمَنا الأبيضَ

إن بدا منه طرفْ



انقرض الرجال

لم يبق إلا جُرُذٌ

تهربْ من السفينةِ

من قَبل كلّ من هرب



انقرض الرجال

وساعة الحرب همُ

يناصرون الأقوياءَ

ومن تجبّر، من نهب



انقرض الرجال

لم يبق منهم أحدٌ

لم يبق منهم ذكرٌ

لالا ولم يبق ولدْ



لهفي على الرجال
!

 

22.10.06

وداع

وداعاً
أشَهرَ الصيام
عسى أن تعود
عسى أن تجدنا بخيرٍ
عسانا نصوم معاً من جديد

تُفارقنا
قبل نشبع منك
وترحل عنا
وتأبى القلوب
تصدَّق أنّا سنرحل عنك

وفي أولك
كنت تبدو طويلاً
وكنا نمني نفوساً
تتوق إليك
بطول التلاقي

وشيئاً فشيئاً
تسللت مبتعداً
والتفتنا إليك
تلوح لنا بيديك

وصار التلاقي بعيدا
وعز المرام
وصرنا نعد الليالي
يوماً فآخر
عسى نلتقي بعد عام

26.9.06

يا رب

رمضان

شهر الصوم

شهر المغفرة

يارب  اغفر لي ذنوبي

قبل دار الآخرة

يارب

اقبل توبتي

(للمرة المليون)

اقبل توبتي

واغفر ذنوبي

أنت تعلم ماذنوبي

أنت تعلم أنني

لست ملاكاً

إنني بشر

وكل بني البشر

يخطئون

وخير من يخطئ

يتوب إليك

ياربي عسى

تغفر له

فاغفر ذنوبي

ذنبي كبير

ياالهي

هائل

لكن عفوك واسع

وأنت رحمن رحيم

يارب

فاغفر ليَ

واقبل توبتي

واقبل صلاتي وصيامي

ربِّ

إغفر لي ذنوبي



 

أرق

الليل طويل ممتد

دقات الساعة تقتلني

وصباحي مازال بعيداً

والنوم بعيد عن جفني

الصمت جميل أحيانا

حين نطرزه باللحن

لكنّ الصمت الصافيَ قد

يخنق فينا أجمل لون

سيكون نهاري تعذيباً

ورجاءً، شوقاً، للوسن

أحلم بالنوم وبالحلم

في طول نهاري، لكني

ما ان يحضر ليلي حتى

يهرب -خوفاً- نومي منّي

!!!

 

23.9.06

رمضان كريم

كل عام وأنتم بخير

22.8.06

مدونتي الجديدة: قراءات

تمر علي كثير من الأبيات و القصائد التي تشدني، أو تعني لي شيئاً،
أو تناسب ما أشعر به في وقت ما
كما تمر علي أبيات أتمنى لو كنت أنا من كتبتها
وأخرى رددتها منذ صغري
ولأني قليلة الكتابة، قررت أن أفتح مدونة جديدة لقراءاتي هذه،
لئلا تتوه كتاباتي القليلة وسط
القراءات الكثيرة
وسأحاول أن أختار قصيدة أو بضع أبيات كل يوم لأضعها في مدونتي الجديدة
مع ذكر اسم الكاتب بقدر الامكان
وهنا تجدونها:
قراءات

ملاحظة: نتيجة لخطأ مني كان الرابط يشير إلى هذه المدونة، الآن أصلحته وأصبح يشير إلى المدونة الجديدة، أرجو المعذرة
!

8.8.06

لا
فلتسقط القيود
مهما خدروا عقولنا
وبهروا أبصارنا
وكمموا أفواهنا
لن نقبل المزيد

ومهما وعدوا بالعدل والحرية
وزمن جديد
خارطة جديدة
لوطن جديد
لا نريد
لن نقبل المزيد

لو بتروا أطرافنا
وسملوا عيوننا
وصلبوا أجسادنا
يبعثنا الخالق من جديد
نورثهم الرعب
حتى تنتحر
من رعبها الجنود
أول ما يذكر فيهم اسمنا
يرتعد الحديد

لا
لن نقبل المزيد

27.7.06

كلنا مع لبنان وفلسطين ضد اسرائيل
والمحتلين

We are with Lebanon and Palestine against Israel and occupiers

Nous sommes tous avec le Liban et la Palestine contre l’Israel et les occupants

Wir sind Alle mit dem Libanon und Palästina gegen Israel und den Besatzern

Somos todos con Líbano y Palestina contra Israel e inquilinos

我们都是同黎巴嫩和巴勒斯坦对以色列占领者

私達はイスラエル共和国および占有者に対してレバノンおよびパレスチナとのすべてである

17.7.06

زبد

لسنا سوى زبد
رغاء
كرغى الصابون
نملأ الدنيا ولكن
فارغون

متفرجون
في مسرح الدنيا
على الغول الذي يأكلنا
النار التي تحرقنا
وصامتون
حتى ينتهي العرض
لنبكي
ونصفق
أو لنشجب
و نندد
و نسب الفاعلين


عرائساً خشبية صرنا
لا نحرك ساكناً إن لم تُشد لنا الخيوط
وإن وضِعنا جانباً
ننسى بأن نحيا
وننسى أن نموت

31.5.06

لماذا نكتب؟

نكتب... لآن المشاعر والأفكار بداخلنا تتزاحم بحثاً عن منفذ
نكتب... لآن أصابعنا لم تعد تقوى على السكون
نكتب... لكي نفضي إلى الورق بكل ما نريد قوله ولا نجد أحداً سواها يصغي إليه
نكتب... لكي لا نكلم أنفسنا؟
نكتب... لنفرغ عقولنا ونملأ الورق
نكتب... لنروح عن أنفسنا
نكتب... لأننا نعتقد أن هناك شيئاً مهماً يجب أن نبلغه للدنيا كلها، ولا يستطيع أحد غيرنا قوله
أو ربما نكتب... لآننا لا نريد أن يسمعنا أحد خارج جدراننا الأربعة
نكتب... لنرتاح
ونكتب... لنتعب عقولنا بأفكار جديدة
ونكتب...
لماذا نكتب؟

27.4.06

كلام عن الحزن والسعادة

عندما تملآ الأحزان كل خلايانا، وتسيل من مآقينا مع الدموع
عندما نتنفسها، نشربها، ونأكلها
وننام عليها، نتغطى بها
عندما تقف غيومها السود حائلاً بيننا وبين شعاع الشمس الذي كان يداعب وجهنا كل صباح
لا نملك أن نكتب عن شيء آخر
لأننا لا نعرف سواها
السعادة، الفرح، التفاؤل
كلها تصبح ألفاظاً غريبة بالنسبة لنا
مفردات من لغة نجهلها
ربما تذكرنا أننا كنا نعرفها يوماً
لكن طعم فمنا عند النطق بها مر، كطعم الفم عندما نصحو صباحاً بعد أن أكلنا الحلوى في المساء ونسينا غسل أسناننا

أما عندما يملأ الفرح أيامنا، والبهجة ليالينا
لا يزال هناك مكان صغير لبعض الحزن
لبعض الخوف
لبعض الشجن
حتى ولو كانت ذكريات بعيدة بعيدة
نشعر بأنها يمكن أن تعود في أي لحظة
السعادة شيء هوائي، أثيري
يصعب علينا الامساك بها
ويسهل انزلاقها من بين أصابعنا
نقضي جميع لحظاتها ممسكين بتلابيبها لئلا تذهب وتتركنا
كالأطفال الصغار
الممسكين بثياب أمهم
لذا، نادراً ما نجد الوقت لنكتب عنها ونحن نحس بوجودها
وان كتبنا عنها، نكتب بعد رحيلها
ونحن نحاول قدر الامكان تذكر - أو تخيل - شكلها
قليلون هم من يمتلئون بالسعادة حتى النخاع
تسكنهم مهما مرت بهم من ظروف
وترسم على وجههم ابتسامة
والدموع لم تجف بعد على خدودهم
هؤلاء هم من يستطيع الكتابة عن الفرح والسعادة
ورسم البسمة على وجه كل من كاد ينساها

22.3.06

إصرار

ربما لستُ شاعرةً
ربما
ربما لن أكونْ
ربما كان ما أكتبُ محض وهمٍ وظنونْ
ربما كنتُ أجهلُ علم العَروضِ
والنحوِ، والصرفِ
وأجهلُ كلّ الفنونْ
لكنني سوف أكتبْ وأكتبْ
حتى ولو كان ما أكتبهْ
يؤذي جميع الأذانِ
وكلّ العيونْ
فيا مَن تأذيتَ مما كتبتُ
فلا تقرأه
واذهب لغيري
لعلّ تحبّذ ما يكتبون
فـأنا لستُ أكتبْ لكَ
أو لغيركْ
بل لِذاتي كتبتُ
وأنتم – لِذاتكمُ – تقرأون

19.2.06

الصمت

صمتٌ
ثم صمت
وصمتٌ وصمتٌ وصمت
لاشيء غير الصمت
نسيَت الأبواب طعم الدق
ورنة جرس الهاتف صمتت
أُشبع الجو صمتاً خانقاً
لا يُحتمل
فلتحيا الأصوات!
صوت المذياع والتلفاز والمسجل
و...
...

انحسر الصمت بعيداً
فيما يبدو
فلم لا زالت أذني
تسمع صوته؟

16.2.06

الماضي 2

أحداث في الماضي حلوة
أحداث أخرى تبكينا
لكن ما عدنا نذكرها
نتناساها، نتجاهلها
ونصر على أن الماضي
أجمل أيام عشناها
ملأى بالأحداث الحلوة

أشياء تحدث تبكينا
وتمر عليها الأزمان
ننساها أو نتناساها
أو نضحك لما نذكرها
ونقول: لكم كانت حلوة
تلك الأيام بماضينا!
يا ليت تعود، لتنسينا
ما حدث اليوم ويبكينا!

أطفالاً كنا، ما كنا
ندري ما قصد الآباء
لما قالوا، يا ليت نعود
وكأي صغار نتمنى
أن نكبر، نصبح مثلهم
نتعجب مما قالوه
نستنكره، نتحداه:
"بل هيا سريعاً كي نكبر!
ويكون الكون بأيدينا
أحراراً نصبح، لا سلطان
لأي كبير علينا!"

مرت أعوام وكبرنا
ونسينا ما قد قلناه
تلك الآلام نسيناها
وذاك الشوق لكي نكبر
ها نحن – كما كانوا قبلاً –
ها نحن رجعنا نتحسر
و نقول – تماماً مثلهم –
"ياليت نعود!"

2005

15.2.06

الماضي 1

أشياء تحدث في ماضينا تفرحنا
أحداث أخرى تجرحنا
لكنا ننسى الأحزان
وتذوب – كملحٍ – ذوبانا
ونرى الماضي دوماً أجمل من حاضرنا
مهما كان

1996

3.2.06

الصحراء

تسللت أشعة الشمس الباهتة من نافذة الغرفة، و غمرت النباتات وأواني الزينة الموضوعة في النافذة. رحبت نباتات الصبار الموضوعة هناك بالشمس وبقدوم الصيف. كانت هذه النباتات غريبة عن هذا البلد البارد، اقتلعت من أرضها عنوة ووضعت في أصيص صغير تتزاحم فيه، في نافذة قلما تردها الشمس. رغم ذلك، كان انتقالها إلى النافذة بمثابة العيد! أخيراً أصبح بإمكانها أن ترى السماء، والسحب، وأحياناً حتى الشمس الحبيبة بعد أن كان كل ما يمكنها رؤيته من ذلك الرف الذي وضعت عليه في المحل التجاري - الذي لم تدخله الشمس قط واعتمدت إضاءته على المصابيح الكهربائية - هي البضائع، والبشر، الكثير الكثير منهم كل يوم، والنباتات الأخرى التي كانت على نفس الرف، تنتظر هي الأخرى دورها في الانتقال منه إلى يد أحد المشترين. "ترى، ماذا حدث لباقي النباتات التي كانت على الرف ؟" تساءلت نبتة صغيرة كروية داكنة الخضرة، مغطاة بالأشواك القصيرة الحادة و مكللة بالأزهار الصفراء، مما جعل الباقون يطلقون عليها لقب "ملكة". "لا أدري، المهم أننا نحن هنا ونستطيع رؤية الشمس." أجابتها أكثر النباتات طولاً، والتي كانت أشواكها البيضاء تغطيها كالفرو، تتخللها أشواك شديدة الطول والحدة، مما جعل منظرها شبيهاً ببعض أنواع القطط طويلة الفرو، ومنحها لقب "مياو". "أرجو أن يكون حظها جيداً كحظنا!" قالت ملكة ومدت أزهارها للأعلى استمتاعاً بالشمس." نعم!" تنهد "التوأم"، وهما نبتتان متشابهتان تماماً في لونهما الأخضر وأشواكهما الصفراء ومتقاربتان في الطول. "على فكرة أنت أنانية يا مياو، لا تريدين الخير إلا لنفسك!" "الخير؟" قالت مياو ساخرة. "الخير؟ أي خير. هل تسمون هذا الذي نحن فيه خيراً؟ نحن لا نكاد نرى الشمس حتى تغيب!" وكتأكيد على كلامها، غابت الشمس لحظات ثم عادت للظهور. "وأين الخير إذن؟ على رف المحل التجاري الذي كنا فيه؟ حيث لا تظهر الشمس إطلاقاً؟" سخر منها التوأمان. ومن الخلف قال صوت "إسفنجة" الناعس: "بالنسبة لي لا فرق بين رف ونافذة، مياو أمامي وتحجب الشمس عني على أية حال." "صه! من أنت لتتكلمي على أية حال؟" صاحت فيها مياو بنزق واستعلاء.



كانت إسفنجة هي النبات الوحيد في الأصيص الخالي من الأشواك، وكانت بغياب أشواكها و بلونها الأخضر النضر الذي يشبه في خضرته أول أوراق الأشجار في الربيع تختلف كل الاختلاف عن الباقين. لم تكن مياو في الواقع هي الوحيدة التي تنظر ببعض الاستعلاء إلى إسفنجة، التي اكتسبت اسمها من شكلها الشديد الشبه بالإسفنج البحري لولا خضرتها، ولكن أحداً لم يدعها تحس بذلك من قبل عطفاً عليها. لذا فقد نزلت كلمات مياو على الجميع كالصاعقة، وتعالت أصوات الجميع محتجة، وانفجرت إسفنجة باكية. "كفى! هذا يكفي يا مياو!" صمت الجميع عندما سمعوا صوت "الملك" احتراماً. لم يكن سوى صورة أكبر حجماً من ملكة، مع ميل إلى الاستطالة، وأزهار حمراء كبيرة، ولكن وقاره وقلة كلامه جعلاه موضع احترام الجميع، وجعلاه "الملك" فعلاً لا قولاً. "أن تتذمري، ولا تكوني راضية عن شيء، فهذا شيء يخصك. حتى لامبالاتك بالآخرين تخصك، مادمت لا تؤذيهم. أما أذيتهم فهذا شيء لا يحق لك ويجب علي وعلى غيري منعه!" تعالت الهتافات مؤيدة لكلام الملك، ومطالبة لمياو بالاعتذار لإسفنجة. صمتت مياو عناداُ، وهتف الجميع - كانت ملكة أول من قالها - : "لا مكان لمياو بيننا!" عبثاً حاول الملك - وحتى إسفنجة - تهدئتهم، ولكن مياو لم تفقد هدوءها، وقالت لهم بثقة: "حسناً، لا يهمني. سأذهب إلى الصحراء مادام لم تعودوا تريدونني بينكم." "إلى...إلى أين؟" تساءل أكبر التوأم طولاً بحيرة. "الصحراء. موطننا الواسع الذي ولدنا فيه، حيث الشمس مشرقة وشديدة الحرارة كل يوم، حيث الليل شديد السواد، وتتلألأ في السماء الكثير من النجوم ليلاً، حيث الأفق الذي لانهاية لمداه ولامتداد البصر فيه، حيث النباتات مثلنا تكبر حتى تصبح أكبر من ذلك الكرسي هناك" قالت مياو وقد اكتسى صوتها حنين وحزن لم تحاول اخفاءهما. ساد الصمت، ونسي الجميع الشجار وهم يفكرون في ما قالته مياو. مكان واسع، وشمس كل يوم؟ ليل مظلم، لا تضيء فيه سوى ... ما كان اسمها؟ النجوم؟ كم سيكون هذا رائعاً لو وجد! "أنت تكذبين. لا وجود لمكان كهذا إلا في الخيال" قالت ملكة، ووافقتها همهمات الآخرين. "أنا واثقة من كلامي! الصحراء موجودة!" "لا! هذا يكفي. أترون كم تصر على عنادها؟ تختلق القصص لننسى أن نعاقبها. فلنرم بها خارجاُ ولتمت من العطش وقلة الضوء في قاع الغرفة!" صاحت ملكة غاضبة، وحاولت الاقتراب من مياو، لكن إسفنجة وقفت في طريقها ومنعتها. "أنت؟ أنت يجب أن تكوني أول من يطالب بعقابها. اتركيني!" لهثت ملكة وهي تحاول دفع إسفنجة جانباً. "لكنها لا تكذب!" قالت إسفنجة وهي تستمر في دفع ملكة إلى الخلف، بينما التوأم اللذان انضما إلى حلبة الشجار يسحبانها لتتركها. "هي لا تكذب. لقد رأيت الصحراء!"



أذهلت كلمات إسفنجة الجميع، فهم جميعاً - حتى مياو - ما عادوا يذكرون الصحراء ولا قدومهم منها. أول شيء وعت عليه عقولهم النباتية هو المحل التجاري، ثم الطريق إلى الشقة فالنافذة. مياو كانت وهي في المحل شديدة الفضول وحب المعرفة، ولذا فقد وقعت عيناها مرة على كتاب كان يتصفحه أحد زبائن المحل قريباً من الرف، وكانت فيه صوراً ملونة للصحراء و للنباتات فيها، في النهار وفي الليل، نباتات صحيحة كبيرة لم تحد الأصص من نموها. لم تذكر مياو الكتاب يومها لأحد، لأنها بقراءتها له اخترقت أحد أهم قوانين نباتات المحل: قانون اللامبالاة بما يحدث خارج نطاق الرف. ولكن كلامها عن الذهاب إلى الصحراء كان فعلاً مجرد كلام، قالته لإخفاء خوفها و لتظهر عدم مبالاتها بما يفعله الآخرون بها. أن تكون نبتة كإسفنجة قد رأت الصحراء وتذكر حياتها فيها قلب شعور الآخرين نحوها من احتقار إلى احترام و إجلال. لم يكن الملك قد تدخل في الشجار بغير كلماته الأولى، حتى عندما حرضت ملكة على اقتلاع مياو لم يمنعها، ولكنه ما إن رأى الباقين قد التفوا حول إسفنجة وتركوه حتى صاح: "كفى! هذا هراء وتجديف! لا يمكن لأحد رؤية الصحراء، أو الذهاب إليها إلا بعد موته!" "ولكني رأيتها!" أصرت إسفنجة. "رأيتها وعشت فيها أول أيامي! مازلت أذكر دفء الشمس وبرد الليل، أذكر النجوم و النسمة المنعشة التي هبت علي في الليل ودغدغت أوراقي الصغيرة، وأذكر اليد التي اقتلعتني من الأرض الرملية، والألم الذي أحسست به وقتذاك في جذوري. مازلت أذكر تلك الرحلة في سيارة النقل، والرمال تهب علينا أنا ومن قلعت معي من رفيقاتي، ونحن مرميات على أرض السيارة بلا أصص تحمينا." "هراء! هذا وهم! حلم حلمتِ به في يوم من الأيام أو كذبة تكذبينها! قلت إن الصحراء لا يمكن إلا للأموات رؤيتها، وهي وهم بالنسبة للأحياء. أم أنك رجعت من الموت؟" كان غضب الملك بهذا الشكل جديداً على النباتات في الأصيص، واحتاروا هل يؤيدون كلام الملك ،أم يصدقوا إسفنجة؟ ملكة وقفت على الفور إلى جانب الملك دون تردد، فهو في نظرها لا يكذب أبدا، أما التوأم فهما الحارسان المخلصان للملك، ولا يهمهما من هو الصادق! "اقتلعوها!" أمر الملك، "اقتلعوها إن لم تتراجع!" "لن أتراجع، فأنا لا أكذب ولا أتوهم، وسيأتي اليوم الذي تدركون فيه أني صادقة!" تقدم التوأم لاقتلاع إسفنجة، وهنا قالت مياو: "اقتلعوني أنا أولاً إذا أردتم الوصول إليها!" ووقفت بينهما وبين إسفنجة. "إذاً اقتلعاهما معاً!" صرخت ملكة بوحشية.



في الصباح التالي، دخل البشريّ الغرفة والتقط بقايا النبتتين الجافتين من على الأرض، وقال: "خسارة، يبدو أن الجو هنا لم يناسبهما. ما كان يجب انتزاع هذه النباتات من بيئتها الطبيعية!"

31.1.06

أحلام



أحلم أن أمسك بالغيمةْ
أو أحلم أن ألمس نجمةْ

تلمع كالأحلام

أمشي فوق رمال القمرِ
أجلس بين غصون الشجرِ

ما أحلى الأحلام!

لِم لست فراشةْ زهريّةْ
مع شهد الوردةْ العسليةْ

أمتصّ ُ الأحلام

أو عصفورة أو قُمريّة
لأغني أحلى أغنيّة

أغنية الأحلام
 
Locations of visitors to this page